كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 1)
وعلي يفتون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وقال: "كان الذين يفتون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة نفر من المهاجرين، وثلاثة من الأنصار: عمر وعثمان وعلي، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت". (¬1) وقال: "كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عمر، وعلي، وابن مسعود (¬2)، وزيد، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري (¬3) ".
فقول التاريخ: إن عمر بن الخطاب كان مفتياً، يؤيد ما رواه الترمذي من أنه كان قاضياً؛ فإن القضايا التي يقصد برفعها معرفة المحق من غيره يسمّى فصلها: قضاء؛ كما يصحّ أن يسمّى: فتوى، ولم يبق سوى القضايا الناشئة عن التجاحد، وقد عرفت أنها نادرة الوقوع، فالذي يدل على أن لعمر بن الخطاب فصلَ ما كان من هذا النوع في غير حضرة الرسول - عليه السلام - حديث الترمذي، فيتوافق التاريخ والرواية في تسميته قاضياً ومفتياً.
ومما يستأنس به في هذا المقام: أنهم كانوا يعدون عمر من ذوي المكانة في القضاء، وقالوا: "قضاة هذه الأمة: عمر، وعلي، وزيد، وأبو موسى" (¬4).
¬__________
(¬1) (ج 2 ص 109).
(¬2) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي (. . . - 32 هـ =. . . - 653 م) صحابي جليل من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام. وتوفي بالمدينة المنورة، وله 848 حديثاً.
(¬3) عبد الله بن قيس، من بني الأشعر (21 ق. هـ - 44 هـ = 602 - 665 م) صحابي جليل، ومن الولاة الشجعان. ولد في زبيد باليمن، وتوفي بالكوفة، له 355 حديثاً.
(¬4) "إعلام الموقعين" (ج 1 ص 18).