كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 1)
الإيجاز" أيضاً عن كتاب "تخريج الأدلة السمعية"، من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسله قاضياً إلى الجند من اليمن، يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل له قبض الصدقات من العمال الذين باليمن. ثم نقل ما رواه البخاري؛ من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا موسى، ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وقال لهما: "يسرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا". ونقل بعد هذا حديث البخاري الذي يتضمن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ: " إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب، فإذا جئت، فادعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله ... إلخ". ثم نقل ما أورده زيني دحلان (¬1) في "السيرة النبوية"؛ من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وروى ما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم من حديث معاذ، الذي يتضمن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن، قال له: "كيف تقضي إذا عرض عليك قضاء؟ "، قال: أقضي بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ "، قال؛ فبسنّة رسول الله، قال: "فإن لم تجد في سنّة رسول الله، ولا في كتاب الله؟ "، قال: أجتهد رأيي، ولا آلو.
بعد أن حكى المؤلف هذه الأخبار والأحاديث.
قال في (ص 44): "تلك الروايات المختلفة التي قصصنا عليك نموذجاً منها، تريك كيف يسوغ لنا أن نستنتج ما قلناه من أنه لا تتيسر الإحاطة بشيء كثير من أحوال القضاء في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وها أنت ذا قد رأيت كيف اختلفت الرواية عن حادثة واحدة بعينها، فَبَعْث علي إلى اليمن يرويه أحدهم أنه
¬__________
(¬1) أحمد بن زيني دحلان (1232 - 1304 هـ = 1817 - 1886 م) فقيه ومؤرخ، ولد بمكة، وتوفي بالمدينة المنورة. من مؤلفاته: "السيرة النبوية".