كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 1)
إلى من فوقهما، فينظر فيه، وينفذان ما اتفقا عليه، ولولا اشتراكهما، لما قال: "تطاوعا ولا تختلفا".
واقتفى أثر هذا المنهج أمير تونس زيادة الله بن الأغلب (¬1)، فقلّد أسد ابن الفرات (¬2)، وأبا محرز محمد بن عبد الله الكناني القضاء على أن يكونا شريكين في فصل النوازل، ولم يعلم قبلهما بالبلاد التونسية قاضيان في مصر (¬3).
هذه أمثلة اقتبسناها من تعاليم الإسلام؛ ليطلع القارئ الكريم على أن مبادئه القضائية واقعة من العدل موقع الروح من الجسد، وأن القضاء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على سنّة مُحكمة، وإذا زعم منتمٍ للإسلام: أن نظماً يتطلبها العدل، أو يتوقف عليها حفظ الحق كانت مهملة في عهد النبوة، فإنه يقف له من التاريخ، ثم من مقام الرسالة مِدْرهٌ يطعن في زعمه، ويقيم الحجة على ريائه.
* المالية في عهد النبوة:
أموال الدولة بحكم الكتاب والسنّة: الصدقات، والجزية، والفيء، وخمس الغنيمة، وهي موارد بيت المال لعهد النبوة.
أما الصدقات، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمل عليها عمالاً بأحكامها؛ "إذ
¬__________
(¬1) زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب (172 - 223 هـ = 788 - 838 م) رابع الأغالبة أصحاب أفريقية. توفي بالقيروان.
(¬2) أسد بن الفرات بن سنان (142 - 213 هـ = 759 - 828 م) من القادة الفاتحين، وقاضي القيروان. ولد بحرّان، وتوفي من جراح في حصار سرقوسة.
(¬3) "طبقات علماء أفريقية" لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم (ص 84) طبع الجزائر.