كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 1)
مناقشته في آية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} [النساء: 83] جانباً، فإن الصواب ما قاله المحققون من أن المراد بها: كبار الصحابة البصراء في الأمور، ونأخذ بأطراف الحديث معه في آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، فنقول: إن حمل الآية على الأمراء راجح من وجوه:
أحدها: سبب النزول، ففي "صحيح الإمام البخاري"، رواية عن ابن عباس: أن: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} نزلت في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي (¬1)؛ إذ بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية.
ثانيها: ورودها بعد آية: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].
قال ابن عيينة (¬2): سألت زيد بن أسلم (¬3) عن قوله تعالى: {أطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ]، ولم يكن أحد بالمدينة يفسر القرآن بعد محمد ابن كعب مثله، قال: اقرأ ما قبلها، تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، فقال: هذه في الولاة (¬4).
¬__________
(¬1) عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي القرشي (... - نحو 33 هـ = ... - نحو 653 م)
صحابي جليل، وتوفي بمصر.
(¬2) سفيان بن عيينة بن ميمون (107 - 98 هـ = 725 - 814 م) محدث واسع العلم، وحافظ ثقة، ولد بالكوفة، وتوفي بمكة المكرمة.
(¬3) زيد بن أسلم العدوي العمري (... - 136 هـ = ... - 753 م) مفسر وفقيه من أهل المدينة.
(¬4) "فتح الباري" (ج 13 ص ا 9) مطبعة الخشاب.