كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 2)

المطالبة بحقوقه المغصوبة.
وهم محرومون من حرية الصحافة، والصحيفة التي تنزع إلى شيء من الحرية تجد من استبداد الحكومة ومضايقتها ما يؤدي بها إلى الانقطاع.
ومن مساوئ الاحتلال الفرنسي: أولئك الفرنسيون الذين ينصبون في شمال أفريقية، ويعطون الأراضي الزراعية بالمجان، أو بما يشبه المجان، ويسمونهم: المعمّرين، ويكون لكل واحد منهم سلطان على مجاوريه من الوطنيين، فيرتكب في إيذائهم ما يشاء، دون أن يُسأل أمام حاكم فرنسي أو أهلي سؤال من يريد العدل في القضية.
وللحكومة الفرنسية بعد هذه الأغراض غرض آخر هو أشنع ما ترمي إليه سياستها، وهو إخراج شمال أفريقية من عربيته إلى الجنسية الفرنسية، وسلخه من الديانة الإسلامية إلى ديانة غير إسلامية، أو غير ديانة، وقد ملأنا المذكرات التي قدمناها إلى جامعة الدول العربية ودول الحلفاء بإقامة الشواهد على قصدها لهذا الغرض السيء، وسعيها بكل ما أمكنها من الوسائل الظاهرة أو الخفية.
هذه المظالم التي لا تتحملها أمة ذات تاريخ عامر بمظاهر العزة والسيادة، يلاقيها العرب بشمال أفريقية، وهم الذين يكونون الجناح الأيسر للعروبة كما يقول بعض الكتاب، ولا ينهض الطائر إِلا بأن يتمتع بسلامة جناحية كليهما، فهم -بلا شك- لا يقيمون على هذه المظالم الشنيعة، ويؤثرون الموت في سبيل محاربتها على حياة منغصة بمرارتها، مكدرة بأقذارها.
أطلّ علي الموتُ من خللِ الضنا ... فآنستُ وجهَ الموت غير كئيب

الصفحة 55