كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 9/ 2)

إلى تونس والجزائر ومراكش؛ بحيث تكون المواصلات بين العرب في الشرق والعرب في الغرب دائمة منتظمة، ومن حقها أن تعمل أو تساعد على أن يكون هناك مؤسسات ثقافية أو صحية أو اقتصادية تضاهي أمثالها من المؤسسات الفرنسية في البلاد العربية الشرقية، ومن حقها أن تعين في المغرب سفراء من رعاياها المخلصين.
يمثل بعض الخطباء أو الكتاب العالم العربي بطائر قلبه مصر، وله جناح في الشرق، وجناح في الغرب. ومن الواضح الجلي أن الجناح الشرقي لا يكون متصلاً بالقلب إِلا إذا بقيت فلسطين عربية شعباً وحكومة، وأن الجناح الغربي لا يكون متصلاً بالقلب كذلك إِلا إذا بقيت طرابلس الكبرى عربية حكومة وشعباً، أنها إذا ابتلي هذان القطران بوضع غير عربي؛ فإن هذا الطائر يبقى مهيض الجناحين، لا يستطيع أن يحلق في الجو، ويصعد إلى سماء العزة والسيادة.
ولم يزل بين جوانحنا أمل في أن جامعة الأمم المتحدة تذعن إلى أن العصر الذي يدعى فيه إلى السلام العالمي هو عصر المنطق والحجة، لا عصر التخاطب بلغة النّار والحديد، وتذعن إلى أن الحرية من حقوق الإنسانية على اختلاف أجناسها ومللها، وتكون على ذكر من أن السلام العالمي لا يتحقق ما دامت ملايين من الأمة العربية تقاسي من الاحتلال الفرنسي والإسباني ألواناً من الاضطهاد الذي لا يطاق.
وإذا كانت الدول القوية قد أذعنت إلى الحقائق، وعرفت أن مراعاتها أمر لابد منه، لم نشك في أنها ستقف موقف المرتاح لقرار جامعة الدول العربية في استقلال تونس والجزائر ومراكش، وتسبق التاريخ بتمجيد أولئك

الصفحة 69