كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 9)
بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة (¬١).
وأما الإجماع فقد حكاه غير واحد من أهل العلم على جواز الإجارة، منهم العراقي في طرح التثريب (¬٢)، وابن المنذر (¬٣)، وغيرهم.
وقال الكاساني: "أجمعت الأمة قبل وجود الأصم حيث يعقدون الإجارة من زمن الصحابة - رضي الله عنهم - إلى يومنا هذا من غير نكير، فلا يعبأ بخلافه؛ إذ هو خلاف الإجماع" (¬٤).
وقال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة، إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال: لا يجوز ذلك؛ لأنه غرر، يعني أنه يعقد على منافع لم تخلق، وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار وسار في الأمصار ... " (¬٥).
والعقل دال على جواز الإجارة.
قال ابن قدامة: "أصحاب الصنائع يعملون بأجر، ولا يمكن كل أحد عمل ذلك، ولا يجد متطوعاً، فلا بد من الإجارة لذلك مما جعله الله طريقًا للرزق حتى إن أكثر المكاسب بالصنائع" (¬٦).
وقال في المبدع: "والحاجة داعية إليها إذ كل أحد لا يقدر على عقار يسكنه،
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٢٢٦٢).
(¬٢) طرح التثريب (٦/ ١٥٢).
(¬٣) الإجماع (ص١٧١)، الإشراف على مذاهب العلماء (٦/ ٢٨٦).
(¬٤) بدائع الصنائع (٤/ ١٧٤).
(¬٥) المغني (٥/ ٢٥٠).
(¬٦) المرجع السابق.