كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 9)

فإذا كان عقد الهبة والوعد به من المعروف كان الإلزام به جائزًا على مذهب المالكية، وبناء عليه يمكن القول بجواز الإلزام بالوعد في بيع الإجارة المنتهية بالوعد بالهبة.
وعندي أن الوعد إن كان غير ملزم للمؤجر فإن الهبة تجوز مطلقًا حتى ولو كانت الإجارة بأكثر من ثمن المثل؛ لأننا إذا جوزنا الإجارة المنتهية بالبيع غير الملزم، فجوازها بالهبة غير الملزمة من باب أولى.
وإن كان الوعد ملزمًا بالهبة فإن الهبة تأخذ حكم المعاوضة عندي من غير فرق بين أن تكون الإجارة بثمن المثل أو بأكثر منه.
لأن هذا الوعد الملزم بالهبة يأخذ حكم الحوافز التجارية والتي ترتبط بالعقد من أجل تسويقه والترغيب فيه، لا من أجل الإحسان إلى المشتري، فتكون جزءًا من عقد المعاوضة، فلا أرى فرقًا بين الإجارة المنتهية بالهبة والإجارة المنتهية بالوعد الملزم بالهبة، فكأن العقد انتهى بالهبة مع إعطاء الموهوب الخيار في الرد، والخيار لا يمنع انعقاد العقد، وقد سبق بحث الإجارة المنتهية بالهبة في الفرع الأول فأغنى ذلك عن إعادته هنا، والحمد لله.
...
---------------
= وقال الشنقيطي كما في أضواء البيان (٤/ ٣٠٤): "والذي يظهر لي أن إخلاف الوعد لا يجوز ... ولا يجبر به؛ لأنه وعد بمعروف محض".
وقد ذكرنا أدلة الأقوال وبيان الراجح في مسألة سابقة عند الكلام على بيع المرابحة للآمر بالشراء، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، والحمد لله.

الصفحة 568