كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 9)

٤٦١٠ - عن ثعلبة بن عباد العبدي، من أهل البصرة، قال: شهدت يوما خطبة لسمرة بن جُندب، فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فقال (¬١):
«بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي في غرضين لنا على عهد رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حتى إذا كانت الشمس قيد رمحين، أو ثلاثة، في عين الناظر، اسودت حتى آضت كأنها تنومة، قال: فقال أحدنا لصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد، فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في أمته حديثا، قال: فدفعنا إلى المسجد، فإذا هو بأزز (¬٢)، قال: ووافقنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حين خرج إلى الناس فاستقدم، فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتا، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتا، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية (قال زهير: حسبته قال: فسلم)، فحمد الله وأثنى عليه، وشهد أنه عبد الله ورسوله، ثم قال: أيها الناس، أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي، عز وجل، لما أخبرتموني ذاك، فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ذاك، قال: فقام رجال فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، ثم سكتوا،
---------------
(¬١) القائل؛ هو سَمُرة بن جُندب.
(¬٢) قال ابن الأثير: في حديث سمرة: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فانتهيت إلى المسجد، فإذا هو بأزز، أي ممتلئ بالناس. «النهاية في غريب الحديث» ١/ ٤٥.
ثم قال: أما بعد، فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مطالعها، لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات الله، تبارك وتعالى، يعتبر بها عباده، فينظر من يحدث له منهم توبة، وايم الله، لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه والله لا تقوم الساعة حتى

⦗٤٦٣⦘
يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال، ممسوح العين اليسرى، كأنها عين أبي يحيى، لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة، رضي الله تعالى عنها، وإنه متى يخرج، أو قال: متى ما يخرج، فإنه سوف يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه، لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه، لم يعاقب بشيء من عمله، (وقال حسن الأشيب: بسيئ من عمله سلف)، وإنه سيظهر، أو قال: سوف يظهر، على الأرض كلها إلا الحرم، وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالا شديدا، ثم يهلكه الله، تبارك وتعالى، وجنوده، حتى إن جذم الحائط، أو قال: أصل الحائط، (وقال حسن الأشيب: وأصل الشجرة)، لينادي، أو قال: يقول: يا مؤمن، أو قال: يا مسلم، هذا يهودي، أو قال: هذا كافر، تعال فاقتله، قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتساءلون بينكم: هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا؟ وحتى تزول جبال عن مراتبها، ثم على إثر ذلك القبض.
قال: ثم شهدت خطبة لسمرة، ذكر فيها هذا الحديث، فما قدم كلمة، ولا أخرها عن موضعها (¬١).
- وفي رواية: «أن النبي صَلى الله عَليه وسَلم خطب حين انكسفت الشمس، فقال: أما بعد» (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (٢٠٤٤٠).
(¬٢) اللفظ لأحمد (٢٠٤٤٢).

الصفحة 462