كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 9)

واستسلموا في النهاية .. وهو سببٌ في الإهمال .. وعليه كِفْلُه من الانحرافِ إذا لم يَحفَظِ الأمانةَ ولم يلتزمْ بالمسؤولية والقِوَامة .. وينبغي أن يُعلَمَ أن الثقة شيءٌ وفعلَ الأسباب المشروعةِ والأخذَ بأسبابِ النجاةِ والسلامة شيءٌ آخرُ، ولا تعارُضَ بين الأمرين.
ومن آثار ضعفِ الغَيْرة أن بعضَ البيوت ولا سيَّما النساءِ -باتت تتَّصلُ بمطعمٍ أو آخر لتأمين وجبةٍ والمجيءِ بها للبيت في غَيْبة الرجل، ولا تسأل عن مخاطرِ حديث المرأة مع رجلٍ أجنبيّ .. فكيف إذا جاءَ للبيت وربما استقبلَتْه المرأةُ صاحبةُ الطلب، وسلَّمته المبلغَ واستلمتْ منه الطعام؟ كم من فرصةٍ للشيطانِ في هذه المُداخَلات والمحادَثات .. وهل هذه وتلك من المروءةِ والحياءِ في شيء؟ وهل يرضى بها أصحابُ الشَّهامة .. فضلًا عن أصحابِ الدِّيانة؟
إن الانشغالَ بالدنيا واللُّهاثَ وراءَ المادة .. ربما كان سببًا لبعض هذه المظاهر .. فالأبُ يفرحُ بمن يقضي عنه حوائجَ أهله .. وبأيِّ شكلٍ من الأشكال -دون تنبُّه للمخاطرِ والمفاسد المستقبلية، وكلما باشَرَ الرجلُ أو أحد أبنائه الكِبارِ قضاءَ حوائجِ أهله، واعتنى بذهابهم ومجيئهم، كان ذلك دليلَ النُّبل ومؤشرًا للاهتمامِ بالأهل والأولاد، وحين يَتصوَّرُ الوليُّ أن ذلك جزءًا من واجباتِه، وقد يكون أَوْلَى من بعضِ مسؤولياته التي يمارسُها وينشغلُ بها، كلما كان ذلك دليلًا على الوعي ومؤشرًا إلى إعطاءِ الحقوقِ وصيانة الحُرُماتِ، وحين نلومُ بعضَ النساء التي تتوسَّعُ في الخروج هنا وهناك، وفي كثرة الحديثِ مع الرجالِ الأجانب والاختلاطِ بهم، ينبغي أن نلومَ كذلك الرجالَ الذين يُقصِّرون في واجباتِهم مع أهليهم.
عبادَ الله: لا ينبغي أن نكتفيَ بالتحسُّر على الواقعِ والتأثرِ لسماع الأخبار السيئة، ونُطأطأَ الرؤوسَ ونُحوقلَ عند سماع أنواعِ الجرائم الواقعة لمن حولَنا،

الصفحة 11