كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 9)

{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (¬1)، وسيفٍ للكفارِ أهلِ الكتابِ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (¬2)، وسيفٍ للمنافقينَ بهذهِ الآيةِ، وسيفٍ للبُغاةِ: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (¬3). ثمَّ علَّقَ ابنُ كثيرٍ: وهذا يقتضيْ أنهمْ يُجاهَدونَ بالسيوفِ إذا أَظهروا النفاقَ، وهوَ اختيارُ ابنِ جريرٍ (¬4).
لقدْ فهمَ البعضُ أنَّ هذهِ الآيةَ في المنافقينَ تدلُّ على أنَّ النفاقَ سيظلُّ موجودًا وسيظلُّ محسوسًا ملموسًا منْ أشخاصٍ ترىُ فيهمْ آياتُ النفاقِ (¬5)، وإذا رأى طائفةُ أهلِ العلمِ مجاهدةَ المنافقينَ بالسيفِ -إذا أَظهروا نفاقَهمْ- فلا شكَّ أنَّ مجاهدتَهمْ باللسانِ والحُجةِ والبيانِ منْ بابِ أَولى، وقالَ القرطبيُّ: وهذهِ الآيةُ نَسختْ كلَّ شيءٍ منَ العفوِ والصُّلحِ والصفحِ.
خامسًا: الحذرُ منْ سِماتِ المنافقينَ، والبُعدُ عنْ كلِّ ما يؤدِّي إلى النفاقِ، قد سمعتُمْ أنَّ مرضَ القلوبِ درعٌ للمنافقينَ، ويمكنُ أنْ يتحوَّلوا إليهمْ ويَنخرطوا في سِلْكِهمْ، فلْيحذرِ المسلمُ ولْيعالجْ نفْسَه ويفطمْها عنْ أمراضِ الشهواتِ والشبهاتِ، ومَن رعى حولَ الحِمى أوشكَ أن يَقَعَ فيهِ!
وأنتَ أيها المسلمُ والمسلمةُ مطالبٌ بمجاهدةِ المنافقينَ على قَدْرِ طاقِتكَ، فإنْ لمْ تستطعْ فلا أقلَّ منْ بُغضِهمْ والحذرِ منْ أفعالِهمْ، والتحذيرِ منْ شرورِهمْ.
¬_________
(¬1) سورة التوبة، الآية: 5.
(¬2) سورة التوبة، الآية: 29.
(¬3) سورة الحجرات، الآية: 9.
(¬4) تفسير ابن كثير 4/ 118.
(¬5) عبد العزيز كامل/ البيان.

الصفحة 225