كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 9)

على أسوار القسطنطينية (¬1)
الخطبةُ الأولى:
إن الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسَلينَ، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬2).
أيها المسلمون: وفي الأيامِ الحالكةِ، وفي ظروفِ الأَزَماتِ والشدةِ علَّمَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه والمؤمنين من بعدِهم، التفاؤلَ بنصرِ الله، وبشَّرهم بالفتوحِ الإسلامية والمشركون يغزونَهم في عُقْر دارِهم، ووَعَدَهم التمكينَ في الأرض والنصرَ على الأعداء.
أجل، لقد بلغ الكربُ في غزوةِ الأحزاب ما قصّ اللهُ في كتابه: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (¬3).
وبلغ الفألُ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اعترضتْ صخرةٌ للصحابةِ وهم يَحفِرون الخندقَ، فاستنجدوا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فضربها ثلاثَ ضَرَباتٍ فتفتَّتتْ وقال إِثرَ
¬_________
(¬1) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق 12/ 3/ 1423 هـ.
(¬2) سورة النساء، الآية: 1.
(¬3) سورة الأحزاب، الآية: 11.

الصفحة 239