كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 9)

الدين والتدين عشر معالم (¬1)
الخطبةُ الأولى:
الحمدُ لله {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (¬2)، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الدينُ واصبًا (أي الطاعةُ دائمًا) وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه بَعَثَه اللهُ بالإسلام دِينًا خاتمًا وحقًا، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3).
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائرِ النبيِّينَ والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعين والتابعين ومن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (¬4).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (¬5).
أيها الناسُ: الدينُ والتدينُ فِطرةٌ ربانيةٌ، وحاجةٌ ملحَّةٌ، ومطلبٌ ينتهي بالمرءِ إلى السعادةِ أو الشِّقْوة (¬6)، ومَن أبصرَ واقعَ الشعوبِ اليومَ وغدًا، وبالأمسِ وفي
¬_________
(¬1) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق 17/ 4/ 1423 هـ.
(¬2) سورة الشورى، الآية: 13.
(¬3) سورة آل عمران، الآية: 85.
(¬4) سورة التوبة، الآية: 119.
(¬5) سورة آل عمران، الآية: 102.
(¬6) وفي التنزيل: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، وفي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام (الفتح 3/ 248) وإن وردت أقوال أخرى (تفسير القرطبي 14/ 28).

الصفحة 270