كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) من الجنود والآلات وأسباب الملك (خُبْراً) تكثيرا لذلك. وقيل: لم نجعل لهم من دونها سترا مثل ذلك الستر الذي جعلنا لكم من الجبال والحصون والأبنية والأكنان من كل جنس، والثياب من
كل صنف. وقيل: بلغ مطلع الشمس مثل ذلك، أي: كما بلغ مغربها. وقيل: تطلع على قوم مثل ذلك القبيل الذي تغرب عليهم، يعنى أنهم كفرة مثلهم، وحكمهم مثل حكمهم في تعذيبه لمن بقي منهم على الكفر، وإحسانه إلى من آمن منهم.
[(ثمَّ أَتْبَعَ سَبَباً* حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً)].
(بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بين الجبلين، وهما جبلان سدّ ذو القرنين ما بينهما. قرئ: بالضم والفتح. وقيل: ما كان من خلق الله تعالى فهو مضموم، وما كان من عمل العباد فهو مفتوح؛ لأنّ السد بالضم: فعل بمعنى: مفعول، أي: هو مما فعله الله تعالى وخلقه. والسدّ بالفتح: مصدر حدث يحدثه الناس. وانتصب (بَيْنَ) على أنه مفعول به مبلوغ، كما انجرّ على الإضافة في قوله: (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف: 78] وكما ارتفع في قوله: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام: 94] لأنه من الظروف التي تستعمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قرئ بالضم والفتح)، نافعٌ وابن عامرٍ وأبو بكر: بضم السين، والباقون: بفتحها.
قوله: (لأن "السد" بالضم: فُعلٌ)، قال صاحب "التقريب": ولا يخفى ضعفُ هذا التوجيه، قال محيي السنة: هذا قولُ عكرمة، وقاله أبو عمرو، وقيل: هما لغتان، وقيل: بالضم: اسم وبالفتح: مصدرٌ.

الصفحة 545