كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

أي: جعلا نخرجه من أموالنا، ونظيرهما: النول والنوال. وقرئ: (سدا) و (سدا) بالفتح والضم.
[(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً)].
(ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) ما جعلني فيه مكينا من كثرة المال واليسار، خير مما تبذلون لي من الخراج، فلا حاجة بي إليه، كما قال سليمان صلوات الله عليه: (فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) بالنمل: 36]، قرئ بالإدغام وبفكه. (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) بفعلة، وصناع يحسنون البناء والعمل، وبالآلات (رَدْماً) حاجزا حصينا موثقا، والردم أكبر من السدّ، من قولهم: ثوب مردم، رقاع فوق رقاع. قيل: حفر الأساس حتى بلغ الماء، وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) لا ينافي رد الخراج والاتقصار على المعونة، كأن الإيتاء بمعنى المناولة، يدل عليه قراءة أبي بكر: "إيتوني" بمعنى: جيئوني.
قوله: (قرئ بالإدغام وبفكه): ابن كثير: بالفك، والباقون: بالإدغام. قال صاحب "المُطلع": من فك لأن النونين اجتمعتا في كلمتين، الثانية غير لازمة، يقال: مكنه ومكنته، فلم يُدغم، ومن أدغمَ فلاجتماع المثلين.

الصفحة 548