كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

لدلالة الثاني عليه. وقرئ: (قال ائتوني)، أي: جيئوني، (فَمَا اسْطاعُوا) بحذف التاء للخفة؛ لأنّ التاء قريبة المخرج من الطاء. وقرئ: (فما اصطاعوا)، بقلب السين صادا. وأما من قرأ بإدغام التاء في الطاء، فملاق بين ساكنين على غير الحدّ (أَنْ يَظْهَرُوهُ) أي: يعلوه، أي: لا حيلة لهم فيه من صعود لارتفاعه وانملاسه، ولا نقب لصلابته وثخانته.
[(قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)].
(هذا) إشارة إلى السد، أي: هذا السد نعمة من الله و (رَحْمَةٌ) على عباده، أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) يعنى: فإذا دنا مجيء يوم القيامة وشارف أن يأتي جعل السد (دَكَّاءَ) أي: مدكوكا مبسوطا مسوّي بالأرض، وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك. ومنه: الجمل الأدك: المنبسط السنام. وقرئ: (دكاء) بالمد؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يؤدي إلى اللبس، فالهاء عائدةٌ إلى (قِطْراً) وهو المفعول الثاني، وإن جاز حذفه لكن لا يليق بفصاحة القرآن تركُ الاختيار.
قوله: (وقرئ: "قال ائتوني"، أي: جيئوني)، أبو بكر وحمزة: بهمزة ساكنة بعد اللام من باب المجيء، وإذا ابتدأ كسراص همزة الوصل، وابدلا الهمزة الساكنة ياءً، والباقون: بقطع الألف ومدةٍ بعدها في الحالين.
قوله: (وأما من قرأ بإدغام التاء)، قرأ حمزة: "فما اسطاعوا" بتشديد الطاء، والباقون: بتخفيفها.
قوله: (وقرئ: (دَكَّاءَ) بالمد)، الكوفيون: بالمد والهمز من غير تنوين، والباقون: بالتنوين من غير همز.

الصفحة 550