كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

ابن الكوّاء سأله عنهم؟ فقال: منهم أهل حروراء. وعن أبى سعيد الخدري: يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة، فإذا وزنوها لم تزن شيئا، (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فنزدري بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار. وقيل: لا يقام لهم ميزان؛ لأنّ الميزان إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين. وقرئ: (فلا يقيم) بالياء. فإن قلت: الذين ضل سعيهم في أي محل هو؟ قلت:
الأوجه أن يكون في محل الرفع، على: هم الذين ضل سعيهم؛ لأنه جواب عن السؤال، ويجوز أن يكون نصبا على الذم، أو جرّا على البدل (جَهَنَّمُ) عطف بيان لقوله (جَزاؤُهُمْ).
[(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً* خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً)].
الحول: التحوّل. يقال: حال من مكانه حولا، كقولك: عادني حبها عودا، يعني:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أهل حروراء): قرية بالكوفة، والحرورية: فرقةٌ منالخوارج منسوبة إليها.
قوله: ((جَهَنَّمَ) عطفُ بيان لقوله: (جَزَاؤُهُمْ)) فـ (ذَلِكَ) مبتدأ، و (جَزَاؤُهُمْ): الخبر، والمشار إليه بقوله: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ)، كما تقول: هذا زيدٌ، وتحقيقه ما سبق في قوله: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)، وفيه بحث؛ لأنه لا يحسنُ أن يقال: ذلك جهنمُ. قال أبو البقاء: (ذَلِكَ)، أي: الأمر ذلك، وما بعدهُ مبتدأ وخبر، وهذا جيدٌ.
قوله: (عادني حبها عوداً)، النهاية: وفي حديث فاطمة بنت قيس "فإها امرأة يكثرُ عُوادُها"، أي: زُوارُها، وكل من أتاك مرةً بعد أخرى، فهو عائدٌ، وإن اشتهر ذلك في عبادة المريض حتى كأنه مختصٌّ به.

الصفحة 554