كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

قدامه ودرجوا ولم يبق منهم من به تقوّ واعتضاد. (مِنْ لَدُنْكَ): تأكيد لكونه وليا مرضيا، بكونه مضافا إلى الله تعالى وصادرا من عنده، وإلا فهب لي وليا يرثني كاف، أو أراد اختراعا منك بلا سبب؛ لأني وامرأتي لا نصلح للولادة. (يَرِثُنِي وَيَرِثُ) .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ودرجوا)، الراغب: الدرجُ: طي الكتاب والثوب، ويقال للمطوي: درجٌ. واستعير الدرج للموتن كما استعير الطي له في قولهم: طوته المنية، وقولهم: من دب ودرج، أي: من كان حياً يمشي، ومن مات تطوى أحواله.
قوله: (وإلا فهب لي ولياً يرثني كاف)، يعني (مِنْ لَدُنْكَ) يجب أن يُحمل على التأكيد، وإلا فالكلام مستغني عنه، وذلك أن قوله: (مِنْ لَدُنْكَ): تأكيدٌ لمعنى قوله: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي)؛ لأن هذا المطلوب، وما يكون من عند الله وموهبةً منه ومنسوباً إليه لا يكون إلا خيراً محضاً، فأكد بقوله: (مِنْ لَدُنْكَ) ذلك المعنى، فهو على هذا ظرفٌ لغوٌ، أو: صفةٌ لولي قُدمت فصارت حالاً مؤكدة، وهو معنى لطيف.
والباء في قوله: "بكونه مضافاً" متعلقٌ بقوله: "تأكيدٌ"، أي: تأيدٌ بسبب كونه مضافاً إلى الله، ويجوز أن يكون (مِنْ لَدُنْكَ) حالاً منتقلة، وإليه الإشارة بقوله: "اختراعاً منك" أي: مخترعاً.
قوله: ((يَرِثُنِي وَيَرِثُ))، بالجزم: أبو عمرو والكسائي، والباقون: برفعهما.
قال الزجاج: "الجزم على جواب الأمر، والرفع على صفة الولي".

الصفحة 568