كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

الجزم جواب الدعاء، والرفع صفة، ونحوه: (رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) [القصص: 34]، وعن ابن عباس والجحدري: (يرثنى وارث آل يعقوب) نصب على الحال. وعن الجحدري: (أو يرث) على تصغير وارث، وقال: غليم صغير. وعن على رضي الله عنه وجماعة: (وارث من آل يعقوب) أي: يرثني به وارث، ويسمى التجريد في علم البيان،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسائي: "وسألت ربي أن لا يُلبسنا شيعاً فمنعنيها". وروى ابن ماجه، عن مُعاذ بن جبل نحوه.
وكان من قضاء الله وقدره: أن يوجد يحيى نبياً صالحاً ثم يُقتل ويغلي دمه ليتيح لثأره بُخت نصر، ويسكنه بقتل سبعين ألفاً، فاستجيب دعاء زكريا في أن بُشر بغلام اسمه يحيى، ولم يجعل له من قبل سميا، ونودي: (يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً * وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً)، ومُنع من أن يكون وارثاً لأبيه من بعده. كما كان من قضاء الله وقدره: أن يُقتل عثمانُ رضي الله عنه مظلوماً فيُهدر بسببه دمُ جم غفيرٍ من الصحابة والتابعين يوم صفين والجمل وغيرهما، فاستجيب دعاؤه صلات الله عليه في تينك الخصلتين دون الثالثة ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، والله أعلم بحقائق الأمور.
قوله: (يرثني وارث آل يعقوب)، بنصب "وارث"، قيل: هو: حالٌ، أي: يرث علمي ويرث علم آل يعقوب. وقال القاضي: هو نصبٌ على الحال من أحد الضميرين.
قوله: (ويُسمى التجريد في علم البيان)، والتجريد هو: ان ينتزع من متصف بصفة آخر مثله فيها مبالغة لكمالها فيه، نحو: رأيت بفلانٍ أسداً، ولقيني منه أسدٌ. قال ابن جني: وهي قراءة علي وابن عباس وابن يعمر والحسن والجحدري وقتادة وجعفر بن محمد، وهو ضربٌ من العربية غريبٌ معناه التجريد، يريد: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي) منه أو به وارثٌ من آل يعقوب، وهو الوارث نفسه، فكأنه جرد منه وارثاً، ومثله قوله تعالى: (لَهُمْ

الصفحة 571