كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

والمراد بالإرث إرث الشرع والعلم؛ لأنّ الأنبياء لا تورّث المال. وقيل: يرثني الحبورة وكان حبرا، ويرث من آل يعقوب الملك. يقال: ورثته وورثت منه، لغتان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ) [فصلت: 28]، وهي بنفسها دارُ الخلد، فكأنه جرد من الدار داراً. وقد أفردنا لهذا الضرب باباً من كتاب "الخصائص" فاعرفه، فنه موضعٌ غريب لطيف.
قوله: (والمراد بالإرث: إرثُ الشرع والعلم)، قال الزجاج: قيل: لا يجوز أن يُقال: إن زكريا خاف أن يورث المال؛ لأن الأنبياء والصالحين لا يخافون أن يرثهم أقرباؤهم ما جُعِلَ لهم، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث. ما تركناه صدقة".
الراغب: الوراثة: انتقال قُنيةٍ إليك عن غيرك من غير عقدٍ. ولا ما يجري مجرى العقد، وسُمي بذلك المنتقل عن الميت فيقال للقنية الموروثة: ميراثٌ وإرثٌ وتراثٌ، ويقال: ورثت مالاً عن زيد وورثت زيداً. قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) [النمل: 16]، وقال: (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) [النساء: 11]، وقال: الوراثة الحقيقية هي: ان يحصل للإنسان شيء لا يكون عليه فيه تبعةٌ ولا عليه محاسبة، وعباد الله الصالحون لا يتناولون من الدنيا إلا بقدر ما يجب، وفي وقت ما يجب، على الوجه الذي يجب، ومن تناول الدنيا على هذا الوجه لا يحاسب عليه ولا يعاقب، بل يكون له عفواً صفواً، كما رُوي: "من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسب في الآخرة".
قوله: (الحُبورة)، قيل: وُجد بخط المصنف: كأنها مصدرُ "حبُرَ" الرجل، كـ"قَضُوَ"؛ إذا تُعجب من قضائه، وإلا الحُبور: هو السرور.

الصفحة 572