كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

وقيل «من» للتبعيض لا للتعدية؛ لأنّ آل يعقوب لم يكونوا كلهم أنبياء ولا علماء، وكان زكريا عليه السلام من نسل يعقوب بن إسحاق. وقيل: هو يعقوب بن ماتان أخو زكريا. وقيل: يعقوب هذا وعمران أبو مريم أخوان من نسل سليمان بن داود.
[(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)].
(سَمِيًّا): لم يسمّ أحد بـ (يحيى) قبله، وهذا شاهد على أنّ الأسامي الشنع جديرة بالأثرة، وإياها كانت العرب تنتحى في التسمية؛ لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبز، حتى قال القائل في مدح قوم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهاية: الأحبار: العلماء، جمعُ حبرٍ بالفتح والكسر، وكان يقالُ لابن عباس: البحر والحبر، لسعة علمه.
قوله: (وقيل: من: للتبعيض)، عطفٌ على قوله: "قيل: يرثني الحبورة"، على أن "مِن" على الأول: صلةٌ لـ"ورث"، لقوله: "ورثته وورثت منه".
قوله: (على أن الأسامي الشُّنُعَ)، الأساس: شنعتُ عليه هذا الأمر: قبحته عليه، وله اسم شنيعٌ، وقومٌ شنع الأسامي.
قوله: (جديرة بالأثرة)، الجوهري: استأثر فلانٌ بالشيء: إذا استبد به والاسم: الأثر.
قوله: (وأنزه عن النبز)، الجوهري: النبز، بالتحريك: اللقب، وفلانٌ ينبز بالصبيان: يلقبهم. قال المصنف رحمه الله في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً) [الأنعام: 74]: "آزرُ: اسم صنمن يجوز ان يُنبز به للزومه عبادته، كما نُبز ابن قيس بالرقيات اللاتي يُشبب بهنَّ، وانشد بعضهم:
أُدعى بأسماء نبزاً في قبائلها ... ان أسماء أضحت بعض أسمائي

الصفحة 573