كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

شنع الأسامي مسبلي أزر ... حمر تمس الأرض بالهدب
وقال رؤبة للنسابة البكري - وقد سأله عن نسبه: أنا ابن العجاج، فقال: قصرت وعرفت. وقيل: مثلا وشبيها. عن مجاهد، كقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (مريم: 65)، وإنما قيل للمثل «سمىّ»؛ لأنّ كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه، والشكل والنظير، فكل واحد منهما سمىّ لصاحبه، ونحو «يحيى» في أسمائهم: (يعمر)، و (يعيش) إن كانت التسمية عربية؛ وقد سموا بـ (يموت) أيضا؛ وهو يموت ابن المزرع، قالوا: لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر، وأنه كان حصورا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإنما كان أنزه؛ لأن الاسم القبيح لا يرغب فيه أحدٌ فيختص به ويُشتهر، فلم يحتج إلى التعريف والتلقيب به.
و"عن" متعلقٌ بـ"أنزه"، و"مِن": محذوف، أي: التسمية بالسامي الشنُع لينفرد بها ويُشتهر أنزه من غيرها عن التلقيب والشهرة، ولهذا سمى كُليبا وعنترة وتأبط شرا، كأنهم اختاروا الاسم الشنيع لأجل الغرابة لئلا يُشاركهم فيه أحدٌ كـ"يحيى"، لا أن "يحيى" اسمٌ شنيع.
قوله: (مُسبلي أزُر حُمر)، "حُمرٍ": صفة "أزُر"، "مُسبلي": كناية عن الكبر.
قوله: (مثلاً وشبيهاً)، عطفٌ على قوله: "لم يُسم أحدٌ بيحيى قبله".
قوله: (وأنه كان حصوراً)، يريد قوله تعالى فيه: (أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 39]. قال: الحصورُ: الذي لا يقرب النساء حصراً لنفسه، أي: منعاً لها من الشهوات. وقيل: هو الذي لا يدخل مع القوم في الميسرن فاستعير لمن لا يدخل في اللعب واللهو.

الصفحة 574