كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا
وقرأ الأعمش والكسائي وابن وثاب: (خلقناك).
[(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا ما أدلجت وصفت يداها ... لها إدلاج ليلة لا هجوع
"لا هُجوعِ": صفةُ "ليلة"، أي: ليلةً النومُ فيها مفقودٌ؛ لأن الهجوع: النومُ.
وثانيهما: أن يكون (لا) غير زائدة، لا لفظاً ولا معنى، كقولهم: غضبتُ من لا شيء، وجئتُ بلا مال. قال أبوعلي فـ"لا" مع الاسم المنكور: في موضع جر، بمنزلة خمسة عشر وقد بُني الاسمُ بـ"لا".
قوله: (إذا رأى غير شيء ظنه رجلاً)، أوله للمتنبي:
وضاقت الأرض حتى كان هاربهم
هو مأخوذ من قوله تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ) [المنافقون: 4].
قال صاحب "الانتصاف": قوله: "المعدوم ليس بشيء" هوا لحق، خلافاً للمعتزلة الذين يقولون: إن المعدوم الممكن شيءٌ، فلهذا مال إلى التأويل الثاني، فنفي كونه شيئاً معتداً به مع بقاء كونه شيئاً، وبقاء الآية على ظاهرها أولى.
وقال القاضي: في الآية دليل على أن المعدوم ليس بشيء.
قوله: (وقرأ الأعمش والكسائي)، قال صاحب "التيسير": وحمزة أيضاً.

الصفحة 581