كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء. ألا تراك تقول: جئت المكان وأجاءنيه زيد، كما تقول: بلغته وأبلغنيه. ونظيره «آتى» حيث لم يستعمل إلا في الإعطاء، ولم تقل: أتيت المكان وآتانيه فلان. قرأ ابن كثير في رواية: (الْمَخاضُ) بالكسر. يقال: مخضت الحامل مخاضا ومخاضا؛ وهو تمخض الولد في بطنها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء)، الجوهري: أجأته إلى كذا: ألجأته واضطررته إليه. قال الفراء: أصله من جئت وقد جعلته العرب إلجاء. وفي المثل: شرٌّ ما يجيئك إلى مخة عرقوب، قال الأصمعي: وذلك أن العرقوب لا مُخ فيه، وإنما يحوج إليه من لا يقدر على شيء.
الراغب: المجيء: كالإتيان، لكن المجيء أعم؛ لأن الإتيان: مجيء بسهولة، ويقال: جاء في الأعيان والمعاني، وبما يكون مجيئه بذاته وبأمره، ولمن قصد مكاناً أو عملاً أو زماناً، يقال: جاء بكذا وأجاءه، قال تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ)، قيل: ألجأها، وغنما هو مُعدى عن "جاء"، قال الشاعر:
أجاءته المخافةُ والرجاء
قوله: (ولم يُقل: آتيتُ المكان وآتانيه فلانٌ)، الجوهري: آتاه إيتاء، أي: أعطاه، وآتاه أيضاً، أي: أتى به، ومنه قوله تعالى: (آتِنَا غَدَاءَنَا) أي: ائتنا به. وقيل: معنى قوله: (آتِنَا غَدَاءَنَا): إيتنا به أظهرُ من قوله: أعطنا الغداء؛ لأنا موسى عليه السلام طلب من يوشع إحضار الغذاء لا إعطاءه إياه، وسيجيء في قوله: (إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَاتِيّاً) [مريم: 61] اختياره لغير ما اختاره هاهنا.
قوله: (تمخض الولد)، الجوهري: مخض اللبن وامتخض، أي: تحرك في الممخضة، كذلك الولد إذا تحرك في بطن الحامل، والمخاضُ: وجعُ الولادة.

الصفحة 597