كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 9)

وألجأها إليها. قرئ: (مِتُّ) بالضم والكسر، يقال: مات يموت، ومات يمات. النسىي: ما من حقه أن يطرح وينسى، كخرقة الطامث ونحوها، كالذبح: اسم ما من شأنه أن يذبح في قوله تعالى: (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصفات: 107]. وعن يونس: العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيتها: قوله: "ولأن النخلة أقل شيء صبراً على البرد" فصبرت عليه بأن أثمرت، كذلك النفساء تتوقى منه لاستضرارها به، ثم إن الله تعالى حفظها منه كما حفظ النخلة.
وثالثتها: قوله: "وثمارها إنما هو من جُمارها" أي: أثمرت من غير لقاح، وفي غير الأوان.
قال الإمام: كأن الله تعالى أرشدها إلى النخلة ليُطعمها منها الرُّطب؛ لأنه أشد الأشياء موافقة للنفساء، ولا تثمر إلا عند اللقاح، وإذا قطعت رأسها لم تثمر، فكأنه كما قيل: كما أن الأنثى لا تلد إلا بالذكر، كذلك النخلة لا تثمر إلا عند اللقاح، ثم إني أُظهر الرُّطب من غير اللقاح، ليدل على جواز ظهور الولد من غير الذكر.
قوله: (وألجأها إليها)، فيه إشعارٌ بأن الإسناد في قوله: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ) مجازي المعنى، ألجأها الله تعالى إلى جذع النخلة، وقت مخاضها واختارها لها.
قوله: ((مِتُ) بالضم والكسر)، ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر: [بالضم]، والباقون: بالكسر.
قوله: (النسيُ: ما من حقه أن يُطرح)، الراغب: النسيُ: أصله ما ينسى، كالنقض: لما يُنقض، فصار في التعارف اسماً لما يقل الاعتدادُ به. وقوله تعالى: (نَسْياً مَنْسِيّاً) أي: جارياً مجرى النسي القليل الاعتداد به، ولهذا عقبه بقوله: (مَنْسِيّاً) لأن النسي قد يُقال لما يقل الاعتدادُ به وإن لم يُنس.
قوله: (عن يونس)، قال ابن الأنباري: هو يونس بن حبيب البصري، أخذ عن أبي

الصفحة 599