كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الحد، سواء كانت توبته قبل بلوغ أمره للإمام، أو بعده، وإنما يستثنى من ذلك حد الحرابة لمن تاب قبل بلوغ أمره للإمام، فتوبته تُسقط الحد حينئذٍ.
ولبيان المسألة فهي على قسمين:
القسم الأول: إن كان الحد غير الحرابة، فالتوبة لا تُسقط الحد حينئذ سواء كانت التوبة قبل بلوغها الإمام أو بعده.
القسم الثاني: إن كان الحد حرابة، فالتوبة تُسقط الحد إن كانت قبل بلوغها للإمام، ولا تسقطه بعد بلوغها للإمام.
• من نقل الإجماع: قال أبو بكر الجصاص (370 هـ): "قد اتفقنا أن التوبة لا تُسقط الحد" (¬1). وقال ابن بطال (449 هـ): "أجمع العلماء أنه من أصاب ذنبًا فيه حد أنه لا ترفعه التوبة، ولا يجوز للإمام العفو عنه إذا بلغه" (¬2).
وقال القاضي عياض (544 هـ): "وقد أجمع العلماء أن التوبة لا تسقط حدًا من حدود اللَّه إلا الحرابة" (¬3). وقال ابن رشد (595 هـ): "اتفقوا على أن التوبة لا ترفع الحد" (¬4) ونقله عنه ابن قاسم (¬5).
وقال القرطبي (671 هـ): "لا خلاف فيما أعلمه أن التوبة لا تُسقط حدًا" (¬6).
وقال القرافي (684 هـ): "الحدود لا تسقط بالتوبة على الصحيح، إلا الحرابة والكفر فإنهما يسقط حدهما بالتوبة إجماعًا" (¬7).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "اتفق العلماء فيما أعلم على أن قاطع الطريق واللص ونحوهما إذا رفعوا إلى ولي الأمر ثم تابوا بعد ذلك لم
¬__________
(¬1) أحكام القرآن (3/ 409).
(¬2) شرح ابن بطال (8/ 242).
(¬3) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (5/ 272).
(¬4) بداية المجتهد (2/ 364).
(¬5) حاشية الروض المربع (7/ 331).
(¬6) تفسير القرطبي (5/ 91).
(¬7) أنوار البروق في أنواع الفروق (4/ 208).