كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

الدليل الثاني: عن ثعلبة بن سعد الأنصاري -رضي اللَّه عنه- (¬1): "أن عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس (¬2) جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه إني سرقت جملًا لبني فلان فطهرني، فأرسل إليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: إنا افتقدنا جملًا لنا، فأمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقطعت يده، قال ثعلبة: أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول: الحمد للَّه الذي طهرني منك، أردت أن تدخلي جسدي النار" (¬3).
• وجه الدلالة: أن عمرو بن سمرة جاء تائبًا يطلب الحد، ومع ذلك أقام عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحد، ولم يسقطه بالتوبة.
الدليل الثالث: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام الحد على ماعز بن مالك بعدما جاء تائبًا يطلب تطهيره من الزنا، فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- برجمه ثم قال: (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم) (¬4)، وأقامه كذلك على الغامدية مع أنه قال فيها: (فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) (¬5)، وأقام الحد على الجهينية بعدما جاءت تائبة وقال: (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها للَّه تعالى) (¬6).
¬__________
(¬1) هو ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الأنصاري الساعدي، شهد بدرًا، واستشهد بأحد، وهو عم أبي حميدِ الساعدي وسهل بن سعدٍ، قُتل يوم أحد شهيدًا. انظر: الاستيعاب 1/ 208، الجرح والتعديل 2/ 461، الإصابة 1/ 403.
(¬2) هو عمرو بن حبيب بن عبد شمس، وقيل: عمرو بن سمرة الأقطع، وقيل: عمرو بن أبي حبيب، وقيل غير ذلك، عداده في الشاميين. انظر: الإصابة 4/ 644، معرفة الصحابة 4/ 2045.
(¬3) أخرجه ابن ماجه رقم (2588)، قال البوصيري في "مصباح الزُّجاجة" (3/ 112): "هذا إسناد ضعيف لضعف عبد اللَّه بن لهيعة"، وضعفه الألباني كما في "صحيح وضعيف ابن ماجه" رقم (2588).
(¬4) أخرجه مسلم رقم (1695).
(¬5) أخرجه مسلم رقم (1695).
(¬6) أخرجه مسلم رقم (1696).

الصفحة 112