كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الدليل الرابع: أن الحد له كفارة تُسقط عنه إثم ما ارتكبه، فلا يسقط بالتوبة المجردة عن الكفارة، ككفارة اليمين والقتل.
وأما القسم الثاني: وهو أن حد الحرابة يَسقط بالتوبة قبل بلوغه للإمام، فدليله قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} (¬1) (¬2).
• المخالفون للإجماع: القول الأول: ذهب بعض الفقهاء إلى أن التوبة مسقطة للحد مطلقًا، سواء تاب قبل أن يُرفع أمره للإمام، أو بعده، وسواء كان في حد الحرابة أو غيره من الحدود.
وهو قول بعض الشافعية كالماوردي، والروياني (¬3)، . . .
¬__________
(¬1) سورة المائدة، آية (34).
(¬2) وقد نقل جماعة من أهل العلم الإجماع على أن حد الحرابة تسقط بالتوبة قبل بلوغها للإمام منهم:
ابن حزم في "المحلى" (12/ 16) حيث قال: "صح النص من القرآن وصح الإجماع بأن حد المحاربة تسقطه التوبة قبل القدرة عليهم"، وقال ابن هبيرة في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (2/ 217): "اتفقوا أن من تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه حقوق اللَّه تعالى"، وقال ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/ 411): "إن تاب من الزنا، والسرقة، أو شرب الخمر قبل أن يرفع إلى الإمام فالصحيح أن الحد يسقط عنه، كما يسقط عن المحاربين بالإجماع إذا تابوا قبل القدرة".
(¬3) هو عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد أبو المحاسن الروياني الطبري، الشافعي، فخر الإسلام، قاضي طبرستان، من أهل رويان -بنواحي طبرستان-، ولد سنة (114) هـ، أحد الأئمة الأعلام، برع في المذهب الشافعي حتى أنه كان يقول: "لو احترقت كتب الشافعي كنت أمليها من حفظي" وكانت له حظوه عند الملوك، من كتبه: "البحر" وهو من أطول كتب الشافعيين، ومناصيص الشافعي، تعصب عليه جماعة من الملاحدة فقتلوه وهو في الجامع سنة (152) هـ انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/ 264، الكامل في التاريخ 9/ 134، سير أعلام النبلاء 19/ 261.