كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
وهو قول الأوزاعي، والحسن بن حي (¬1) (¬2).
القول الثاني: ذهب بعض الفقهاء إلى عدم قبول شهادة المحدود فيما حد فيه، ولو تاب، وتقبل في غير ذلك، فلو جُلد في حد الزنا وتاب فتقبل شهادته في كل شيء إلا الزنا، وكذا لو حُد في السرقة فتقبل شهادته في كل شيء إلا السرقة، وهكذا. وهو مذهب المالكية في الرواية المشهورة (¬3).
• دليل المخالف: استدل من رد شهادة المحدود بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي اللَّه عنه- قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود في الإسلام ولا محدودة ولا ذى غمر (¬4) على أخيه) (¬5).
¬__________
(¬1) هو أبو عبد اللَّه، الحسن بن صالح بن حي الهمداني، الثوري، الكوفي، تابعي، فقيه، عابد، ثقة، قال عنه الذهبي: "هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة"، وأراد الذهبي بذلك أنه كان يرى السيف، ويترك الجمعة ولا يراها خلف أئمة الجور لكنه ما قاتل أبدًا، ولد سنة (100 هـ)، وتوفي سنة (169 هـ). انظر: التاريخ الكبير 2/ 292، العبر في خبر من غبر 1/ 229، شذرات الذهب 1/ 255.
(¬2) انظر: المحلى (8/ 529)، فتح الباري (5/ 258).
(¬3) انظر: حاشية الدسوقي (4/ 132)، البيان والتحصيل (10/ 191)، الفواكه الدواني (2/ 625)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب (2/ 346).
(¬4) الغِمْر بمعنى الحقد والغل، أي أنه لا تجوز شهادة الحاقد على من يحقد عليه؛ للعداوة بينهما. انظر: المصباح المنير، مادة (غمر)، (234)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 243).
(¬5) أخرجه أحمد (11/ 531)، وأبو داود رقم (3600) بدون ذكر المحدود، وابن ماجه رقم (2366)، لكن في سنده الحجاج بن أرطأة، ولذ قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/ 33): "هذا إسناد ضعيف لتدليس حجاج بن أرطأة".
وله شواهد منها حديث عائشة رضي اللَّه عنها لكن في سنده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، أخرجه الترمذي في كتاب: الشهادات، باب: فيمن لا تجوز شهادته (2298) وضعَّفه بقوله: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي ويزيد يضعف في الحديث ولا يعرف هذا الحديث من حديث الزهري إلا من حديثه، وفي الباب عن عبد اللَّه بن عمر، ولا نعرف معنى هذا الحديث ولا يصح عندي من قبل إسناده"، وأخرجه الدارقطني أيضًا سننه (4/ 244) =