كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

لكن ينبَّه هنا إلى مسألة قد يُظن أنها مخالفة للإجماع في المسألة، وهي أن الحسن البصري وقتادة (¬1) ذكرا أن مرتكب الكبيرة يسمى منافقًا، وقد ظن بعض من نقل هذا عنهما كابن حزم وغيره أنهما خرجا عن قول أهل السنة والجماعة، وأن الحسن يرى أن مرتكب الكبيرة خارج عن الإسلام (¬2)، وقد تعقَّب ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وبيَّن أن الحسن لم يخرج عن قول أهل السنة، وذلك حين تكلَّم على مسألة أن الإنسان قد يجتمع فيه إيمان ونفاق قال: "ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعًا واحدًا، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق، وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق. . . . ومن هذا الباب ما يروى عن الحسن البصري ونحوه من السلف أنهم سموا الفساق منافقين، فجعل أهل المقالات هذا قولًا مخالفًا للجمهور، إذا حكوا تنازع الناس في الفاسق الملي، هل هو كافر؟ أو فاسق ليس معه إيمان؟ أو مؤمن كامل الإيمان؟ أو مؤمن بما معه من الإيمان فاسق بما معه من الفسق؟ أو منافق؟ والحسن رحمه اللَّه لم يقل ما خرج به عن الجماعة" (¬3).
وبيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحسن البصري أراد بالنفاق هنا: النفاق
¬__________
(¬1) هو أبو الخطاب، قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس ابن وائل السدوسى، تابعي بصري، ولد أعمى، سمع من أنس بن مالك، وعبد اللَّه بن سرجس، وأبي الطفيل، وابن المسيب، وجماعة، قال قتادة: "كنتُ عند ابن المسيب ثلاثة أيام، فقال: ارتحل عني فقد انزفتني"، قال النووي: "أجمعوا على جلالته، وتوثيقه، وحفظه، وإتقانه، وفضله"، مات سنة (117 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 296، التاريخ الكبير للبخاري 7/ 185، جامع التحصيل في أحكام المراسيل لأبي سعيد العلائي 255.
(¬2) انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 128) (3/ 273 - 275).
(¬3) مجموع الفتاوى (7/ 523 - 524).

الصفحة 135