كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الثالثة، فأرسل إليهم أيضًا، فسأل عنه، فأخبروه أنه لا بأس به، ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم، قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول اللَّه إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول اللَّه لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا، فواللَّه إني لحبلى، قال: (إمَّا لا فاذهبي حتى تلدي)، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي اللَّه قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها. . . الحديث" (¬1).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ ماعز بن مالك والغامدية أول الأمر حتى رجعا إليه يريدان الحد، ولم يبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أثرهما يتتبع ما فعلاه، ولم يبحث عن المرأة التي وقع عليها ماعز، أو الرجل الذي وقع على الغامدية.
الدليل الخامس: عموم الأحاديث الدالة على استحباب ستر الإنسان على نفسه، وستره على غيره (¬2)، حيث أن عمومها يدخل فيه ستر الإمام على رعيته.
الدليل السادس: أن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أتي برجل، فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرًا، فقال عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: "إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به" (¬3).
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم رقم (1695)، وأخرج البخاري إقرار ماعز رقم (2502).
(¬2) وقد سبق ذكر هذه الأحاديث في المسألة رقم 19 بعنوان: "يباح للإنسان أن يستر على نفسه الحد".
(¬3) أخرجه أبو داود، كتاب: الآدب، باب: النهي عن التجسس، رقم (4890). قال العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 324): "على شرط الشيخين"، وقال النووي في "رياض الصالحين" (290): "حديث حسن صحيح، رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم"، وقال الألباني في تعليقه على سنن أبي داود حديث رقم (4890): "إسناده صحيح".