كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

Rالمسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.

[28/ 1] لا يُحلَّف المدّعى عليه في الحدود.
• المراد بالمسألة: إذا ادُّعي على رجل أنه ارتكب حدًا من حدود اللَّه تعالى الخالصة، التي لا يتعلق بها حق لآدمي، فأنكر ذلك، فإنه لا يُطلب منه اليمين على إنكاره. ويتبيَّن من ذلك أمور:
الأول: أن الحد إن لم يكن بمجرَّد دعوى، بل كان بإقرار منه، ثم أراد الرجوع عن إقراره، فإن تحليفه حينئذٍ غير مراد (¬1).
الثاني: أنه لو تعلق بالإقرار حقٌ لآدمي، فذلك غير مراد، وذلك في صور منها:
الصورة الأولى: أن يتعلق به حق مالي، كمن ادُّعي عليه أنه سرق مالًا، فأنكر المدعَى عليه، فهنا في تحليف السارِق أنه ما سرق خلاف ليس مرادًا في المسألة (¬2).
الصورة الثانية: أن يتعلق به عتق، كان يعلَّق شخصٌ عتق عبده على فعل الزنا، بأن يقول لعبده: إن زنيتُ فأنت حر، فادُّعي عليه بالزنا، فهنا تحليف المدعى عليه أنه ما زنى مسألة خلافية غير مرادة (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: الدر المنثور (3/ 393) حيث قال فيه بدر الدين الزركشي: "قال ابن القاص: لا تجب اليمين في حد الزنا والشرب إلا في مسألة واحدة، وهي: أن يقر بما يوجب الحد ويدعي الشبهة فإن الشافعي -رضي اللَّه عنه- قال في كتاب اختلاف العراقيين: إذا أصاب الرجل جارية أُمِّه وقال: ظننتها تحل لي، أُحْلِف ما وَطِئَها إلا وهو يراها حلالًا، وأدرأ عنه الحد ويلزمه اليمين".
(¬2) انظر: المدونة (4/ 486)، أسنى المطالب شرح روضة الطالب (4/ 150)، تحفة المحتاج (9/ 150).
وستأتي الإشارة إلى هذا في المسألة رقم 44 بعنوان: "الحدود لا تثبت بيمين وشاهد".
(¬3) انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (333).

الصفحة 146