كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الصورة الثالثة: أن يتعلق به تخلص من حد القذف، وصورتها: إذا قذف شخصٌ آخر بزنا وثبت ذلك، وأنكر المقذوف، فطلب القاذف من الإمام أن يُحلِّف المقذوف، فهنا تحليف المقذوف أنه ما زنى يتعلق به نجاة القاذف من حد القذف، ومسألة تحليفه خلافية غير مرادة (¬1).
• من نقل الإجماع: قال ابن مازة (536) (¬2): "الحدود لا يستحلف فيها بالإجماع"، نقله عنه الزيلعي (¬3) (¬4).
وقال ابن قدامة (620 هـ) في معرض كلامه على أنواع الحقوق: "حقوق اللَّه تعالى، وهي نوعان: أحدهما: الحدود، فلا تشرع فيها يمين، لا نعلم في هذا خلافًا" (¬5)، وبمثله قال شمس الدين بن قدامة (682 هـ) (¬6).
¬__________
(¬1) انظر: أسنى المطالب (4/ 403)، وقد ذكر فقهاء الشافعية أنه لا يُحلف شخص على أنه ما زنى إلا في هذه الصورة فقط، كما نص على ذلك البجرمي في حاشيته المسماه بـ "نفع العبيد" (4/ 66) بقوله: "قال الأكثرون: ولا تسمع الدعوى بالزنا والتحليف إلا في هذه الصورة".
(¬2) هو أبو محمد، عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازة، الحنفي، حسام الدين، المعروف بالصدر الشهيد، من كتبه: "الجامع في الفقه"، "عمدة المفتي والمستفتي"، ولد سنة (483 هـ)، ومات سنة (536 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 20/ 97، الجواهر المضية في طبقات الحنفية 2/ 407، الأعلام 5/ 51.
(¬3) هو أبو عمر، عثمان بن علي بن محجن، فخر الدين، الزيلعي، من "زيلع" بلدة في الصومال، فقيه، فرضي، نحوي، حنفي، قدم القاهرة فأفتى ودرس، من مصنفاته: "تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق"، "تركة الكلام على أحاديث الأحكام"، و"شرح الجامع الكبير"، توفي في القاهرة في رمضان سنة (743 هـ). انظر: الفوائد البهية في تراجم الحنفية 115، الدرر الكامنة 2/ 446، الأعلام 4/ 373.
(¬4) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 298)، وانظر: الفتاوى الهندية (4/ 16).
(¬5) المغني (10/ 218).
(¬6) الشرح الكبير (12/ 138).