كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
أمر اللَّه تعالى بإعلان حد الزنا وإقامته أمام الناس لكي يتحقق الردع فقال تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬1).
ولو لم تُشرع الحدود لفسد نظام العالم ولاعتدى بعض الناس على بعض، ولأكل القوي الضعيف، فلذلك شرع اللَّه عز وجل العقوبات رحمة بالعباد ليحفظ حقوقهم، وليقيم العدل بينهم.
خامسًا: حصول البركة ودفع الأمراض والأوباء عن المجتمع:
فما انتشرت المعاصي وفشت في أمة إلا وظهر فيها الفساد كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} (¬2)، وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لَحَدٌّ يقام في الأرض أحبّ إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا) (¬3)، قال ابن كثير: "والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت انكفَّ الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات، وإذا تركت المعاصي كان سببًا في حصول البركات من السماء والأرض" (¬4).
¬__________
(¬1) سورة النور، الآية: (2).
(¬2) سورة الروم، الآية: (41).
(¬3) أخرجه أحمد في مسنده (14/ 351)، والنسائي في الصغرى، كتاب: قطع السارق، باب: الترغيب في إقامة الحد رقم (4904) بلفظ: "ثلاثين صباحًا"، وابن ماجه، كتاب: الحدود، باب: إقامة الحدود، رقم (2538). وفي سنده جرير بن يزيد البجلي وهو ضعيف.
وله شواهد عند ابن حبان في "صحيحه" (10/ 243)، وابن الجارود في المنتقى (2/ 370)، وابن المبارك في مسنده (1/ 160)، وأبو يعلى في مسنده (10/ 496)، والطبراني في الصغير (2/ 166)، والبيهقي في شعب الإيمان (9/ 482)، والبخاري في الكبير (2/ 213).
ولهذا فالحديث حجة حيث حسن إسناده مرفوعًا المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 172)، وحسنه الألباني مرفوعًا بشواهده في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 295)، وصححه موقوفًا في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 295).
(¬4) تفسير ابن كثير (6/ 320).