كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

وكان من نعم اللَّه علينا ما خلَّفه لنا أئمتنا من ثروة علمية هائلة، جمعوا فيها أقوال أئمة الإسلام، وأخص هنا علم الفقه؛ حيث ظهرت العديد من المؤلفات التي جمعت مسائله وبينت الأدلة التي استندت إليها، بل كتب فيه بعض الفقهاء مؤلفات مستقلّة، تجمع المسائل التي أجمع عليها أهل العلم (¬1).
إلا أن اهتمام أهل العلم بهذا المصدر -أعني الإجماع- لم يُعط حقه بالنظر إلى الاهتمام بالكتاب والسنة؛ إذ أن من ألَّف فيه ككتاب مستقل يجمع فيه شتات مسائل الإجماع هم عدد قليل من أهل العلم، وأكثر من ذكر الإجماعات من أهل العلم كان طريقه في ذلك هو ذكرُها في ثنايا تأليفه لكتاب فقهي أو عقدي أو نحوه.
ولذا عنايةً بهذا المصدر وحرصًا على التحقيق فيه، فقد تبنى نخبة من أعضاء هيئة التدريس في مسار الفقه وأصوله من كلية التربية بجامعة الملك سعود مشروعًا لجمع المسائل التي حكي فيها الإجماع وتحقيقها فأحببت أن يكون لي شرف الانضمام إليه، فتقدمت بهذا المخطط وعنوانه: مسائل الإجماع في أبواب: حد الزنا والقذف وشرب الخمر والتعزير" "جمعًا ودراسةً".

مشكلة البحث: يمكن إجمال المشكلات التي في هذا البحث فيما يلي:
أولًا: لما كانت المسائل المذكورة في الإجماع منثورة في كتب الفقهاء، ومغمورة بين سطور مؤلفات العلماء، اقتضى الأمر جمعها، وحصرها، وذلك عن طريق استقراء تلك الكتب وجردها لاستخراج الألفاظ الإجماعية المحكية في المسائل التي أقوم بدراستها.
ثانيًا: اختلاف ألفاظ الفقهاء في حكاية الإجماع، فبعضهم يحكي الإجماع،
¬__________
(¬1) كابن المنذر في كتابه "الإجماع"، وابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع"، وابن القطان في كتابه" الإقناع في مسائل الإجماع"، وغيرهم.

الصفحة 4