كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
• المخالفون للإجماع: حكى العراقي في المسألة خلافًا عن الأوزاعي (¬1) فقال: "وحُكي عن الأوزاعي جواز الشفاعة، والحديث حجة عليه، كذا قال والدي -رحمه اللَّه- في شرح الترمذي، والذي حكاه غيره عن الأوزاعي جواز الشفاعة قبل بلوغ الإمام، كذا حكاه عنه الخطابي (¬2) " (¬3).Rالمسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم وجود المخالف فيها.
وأما ما حكي عن الأوزاعي من الخلاف فليس محل جزْم، بل حُكي عنه موافقة الجمهور، وهو الأقرب؛ لأن من حكى عنه موافقة الجمهور أكثر كما هو ظاهر كلام العراقي.
وعلى فرض صحة النقل عن الأوزاعي في المسألة فإنه يكون من قبيل الشاذ الذي لم يتابع عليه، ولا يعضده نص، واللَّه تعالى أعلم.
¬__________
(¬1) هو أبو عمرو، عبد الرحمن بن عمرو بن محمد بن عمرو الأوزاعي، الشامي، أحد أئمة الدنيا في عصره، الفقيه، المحدث، من تابعي التابعين، كان ثقة كثير الحديث، وأجمع العلماء على إمامته وجلالته وعلو مرتبته وكمال فضله، توفي في بيروت سنة (157) هـ. انظر: البداية والنهاية 10/ 115، تهذيب التهذيب 6/ 238.
(¬2) هو أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب الخطابي، الشافعي، البستي، الإمام في الفقه والحديث واللغة، وهو من أهل بست، ومن نسل زيد بن الخطاب، كان من أوعية العلم، وكان زاهدًا ورعًا أديبًا، وله شعر حسن، ومؤلفات عدة منها: "معالم السنن في شرح سنن أبي داود"، و"أعلام السنن في شرح صحيح البخاري"، توفي في بست سنة (388) هـ. انظر: معجم المؤلفين (1/ 166)، طبقات الشافعية (2/ 218).
(¬3) طرح التثريب (8/ 34)، وحكى ابن قدامة في "المغني" (9/ 51) عن الحسن البصري "أن السيد له العفو عن مملوكه". إلا أنه لم يبين هل هذا خاص بما إذا كان قبل بلوغ الإمام، أم هو عام ولو بعد بلوغ الإمام، ولذا لم أجعل هذا القول من الخلاف في المسألة، وإنما أشرت إليه هنا حتى يُتَيقَّن من قول الحسن.