كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

الحدود خوفًا من سريان الحد، ولزوم الضمان، وهو طريق لإبطال الحدود.
• المخالفون للإجماع: ذكر الكاساني عن أبي حنيفة رواية في وجوب الضمان على الإمام إن مات السارق بسبب قطع يده (¬1).
وبه قال ابن أبي ليلى (¬2) (¬3).
• دليل المخالف: يدل تضمين الإمام ما أتلفه بموجب الحد أن الإمام قد استوفى أكثر من حقه الذي شرعه اللَّه؛ فالسارق مثلًا الواجب فيه قطع اليد، والإمام تعدى إلى القتل، فوجب عليه الضمان، وكان القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فتجب الدية (¬4).Rلمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لوجود
¬__________
(¬1) انظر: بدائع الصنائع (7/ 305).
(¬2) هو أبو عيسى، عبد الرحمن بن أبي ليلى، الأنصاري، الأوسي، المدني، تابعي كبير، ولد لست بقين من خلافة عمر، قال عبد الملك بن عمير: "أدركت ابن أبي ليلى في حلقة فيها نفر من الصحابة منهم البراء بن عازب يستمعون لحديثه وينصتون له"، قيل: مات في وقعة الجماجم سنة (83 هـ). نظر: تاريخ بغداد 10/ 199، تهذيب التهذيب 6/ 260، الهداية والإرشاد 1/ 459.
(¬3) انظر: البحر الزخار لابن المرتضى (6/ 228)، نيل الأوطار (7/ 173). عن الشافعية رواية أن شارب الخمر إن جُلد فوق الأربعين فمات فإنه يُضمن، لكن هذا ليس خلاف مسألة الباب؛ لأن هذا مبني على القول بأن الحد في شرب الخمر أربعون جلدة، وتجوز الزيادة إلى ثمانين. وكذا عن الشافعية الخمإن جُلد بالنعال والثياب فمات من ذلك فإنه يُضمن، وهذا أيضًا ليس خلاف مسألة الباب، لأن هذا القول مبني على أن الواجب في الجلد هو بالسوط، فيكون الجلد بالثياب والنعال زيادة في الحد لم يأمر به الشرع، فوجب به الضمان. انظر رواية عند الشافعية اختارها البلقيني إلى أن شارب الخمر إن مات من الجلد فإنه يُضمن، وهذا القول عندهم مبني على أن جلد شارب الخمر ليس حدًا، بل مرجعه إلى الحاكم، وهو اختيار الشوكاني في سبل السلام (2/ 456). انظر لأقوال الشافعية السابقة: أسنى المطالب (3/ 164)، مغني المحتاج (5/ 535)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 209 - 210).
(¬4) انظر: بدائع الصنائع (7/ 305).

الصفحة 47