كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
والشعبي (¬1) (¬2).
القول الثاني: يجوز إقامة حد الجلد في المسجد فقط، أما غيره من الحدود فلا يجوز. وبه قال ابن حزم الظاهري (¬3).
• دليل المخالف: استدل القائلون بجواز إقامة الحد في المسجد بما يلي:
الدليل الأول: أن الأصل هو الإباحة، حتى يرد الدليل على المنع، وقد قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (¬4).
فلو كان إقامة الحدود بالجلد في المساجد حرام لفصَّل اللَّه لنا ذلك مبينًا في القرآن أو على لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬5).
الدليل الثاني: أن إقامة الحد قربة وطاعة، والمساجد أُعدت للقرب والطاعات (¬6).
الدليل الثالث: أن إقامة الحد هو من جملة ما يجب على القاضي فعله في القضاء، وإذا كان له أن يجلس في المسجد للقضاء كان له أن يتم القضاء بإقامة الحدود فيها (¬7).
¬__________
(¬1) هو أبو عمرو، عامر بن شراحيل الشعبي، الحميري، الكوفي، من شعب همدان، ثقة مشهور، فقيه، فاضل، روى عن جملة من الصحابة، ولد في وسط خلافة عمر بن الخطاب، قال أحمد بن عبد اللَّه العجلي: "مرسل الشعبي صحيح ولا يكاد يرسل إلا صحيحًا"، وقال الشعبي: "أدركت خمسمائة من الصحابة أو أكثر"، وقال: "ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي"، مات سنة (104 هـ). انظر: الوفيات للبغدادي 1/ 244، البداية والنهاية 9/ 49، تذكرة الحفاظ 1/ 74 - 80.
(¬2) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 536)، مصنف عبد الرزاق (1/ 463) (10/ 23).
(¬3) انظر: المحلى (12/ 11). وبهذا يظهر أن خلاف ابن حزم خاص بحد الزاني غير المحصن، والقذف وشر الخمر، إذ هذه هي الحدود التي يجب بها الجلد.
(¬4) سورة الأنعام، آية (119).
(¬5) انظر: المحلى (12/ 11).
(¬6) انظر: المبسوط (16/ 107).
(¬7) انظر: المرجع السابق.