كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على اللَّه، ومن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك فستره اللَّه عليه فأمره إلى اللَّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه) متفق عليه (¬1).
• وجه الدلالة: الحديث نص صريح في أن إقامة الحدود كفارات لأهلها.
الدليل الثاني: عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أصاب حدًا فعُجِّل عقوبته في الدنيا، فاللَّه أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدًا فستره اللَّه عليه وعفا عنه فاللَّه أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه) (¬2).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن العقوبة لا تثنى على العبد في الآخرة ما دام قد عوقب في الدنيا، وهذا من عدل اللَّه تعالى؛ ومن ثم فالحدود كفارات.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري رقم (18)، ومسلم رقم (1709).
(¬2) أخرجه أحمد (2/ 165)، والترمذي رقم (2626) وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وابن ماجه رقم (2604). وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 48): وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في تعليقه: "صحيح الإسناد"، وقال الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (400): "إسناده صحيح"، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/ 68). والحديث رجاله ثقات رجال مسلم إلا أبو إسحاق السبيعي فإنه مدلس مختلط، لذا ضعف الألباني الحديث بهذا السند كما في ضعيف الجامع الصغير (783). إلا أن له شاهدًا من حديث خزيمة بن ثابت -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا بلفظ: (من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارة له) أخرجه أحمد (36/ 191)، والدارقطني في سننه (3/ 214)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 88)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 328)، وقال عنه البوصيري في "إتحاف المهرة بزوائد المسانيد العشرة" (5/ 132): "إسناده حسن"، وحسّن إسناده أيضًا ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 68 - 69)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2/ 1044).