كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
"قد زنيت فطهرني"، وقد أقرهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك (¬1).
• المخالفون للإجماع: خالف في المسألة جماعة من الفقهاء وهم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: قالوا بأن الحد لا يُسقط إثم تلك المعصية، بل لابد من التوبة، فإن حد ولم يتب بقي عليه إثم تلك المعصية حتى يتوب.
وهو قول الحنفية (¬2)، وبه قال سعيد بن المسيب (¬3)، وصفوان بن سليم (¬4)، واختاره البغوي (¬5).
القول الثاني: أن الحدود كفارات لمن أقيمت عليه باستثناء الحرابة فإنه لا يُكفرها مجرد الحد، بل لا بد أن تقترن بالتوبة. وبه قال ابن حزم (¬6).
¬__________
(¬1) انظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 74).
(¬2) انظر: تبيين الحقائق (3/ 163)، البحر الرائق (5/ 3).
(¬3) هو أبو محمد، سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب، المخزومي القرشي، المدني، شيخ الإسلام، وسيد التابعين وإمامهم وأجلهم، وأحد الفقهاء السبعة، جمع بين الحديث والفقه، والزهد والعبادة، وكان فقيه النفس، قوالًا بالحق، لا يخاف في اللَّه لومة لائم، توفي بالمدينة سنة (94 هـ). انظر: الطبقات الكبرى 5/ 88، التاريخ الكبير 3/ 510، تهذيب التهذيب 4/ 74.
(¬4) هو أبو عبد اللَّه، صفوان بن سليم، ثقة، حجة، فقيه، عابد، قال أبو ضمرة: "رأيته ولو قيل له الساعة غدا ما كان عنده مزيد عمل"، كان يصلي بالليل حتى تورمت قدماه، وكان يتهجد بالشتاء فوق السطح لئلا ينام، توفي بالمدينة سنة (132 هـ). انظر: العبر في خبر من غبر 1/ 176، تذكرة الحفاظ 1/ 134، سير أعلام النبلاء 5/ 364.
(¬5) انظر: معالم التنزيل (2/ 50)، ونقله عنه جمع منهم ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (171)، وابن حجر في "فتح الباري" (1/ 68).
(¬6) انظر: المحلى (12/ 12).
أما ما نسبه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (171)، وابن حجر في "فتح الباري" (1/ 68) إلى ابن حزم بأنه يرى أن الحدود لا تُكفِّر الذنب، ففيه نظر، أو توسعٌ، فإن نص عبارة ابن حزم في "المحلى" (12/ 12) قوله: "كل من أصاب ذنبًا فيه حد فأقيم عليه ما يجب في ذلك فقد سقط =