كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ما أدري أتبع كان لعينًا (¬1) أم لا؟ ، وما أدري أذو القرنين كان نبيًا أم لا؟ ، وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا؟ ) (¬2).Rالمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيها عن الحنفية وبعض التابعين، ولهذا لما ذكر ابن حجر المسألة قال: "إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود وهو قول الجمهور، وقيل: لا بد من التوبة وبذلك جزم بعض التابعين" (¬3)، فنسب القول بأن الحد كفارة للجمهور، ثم حكى الخلاف، ولعل من نقل الإجماع في المسألة أراد مع وجود التوبة، أو أن قول المخالف لم يبلغه، واللَّه تعالى أعلم.
[8/ 1] الحدود لا يجوز فيها قضاء القاضي بعلمه
• المراد بالمسألة: إذا رُفعت للقاضي قضية تتعلق بالحدود، ولم يثبت ما يوجب إقامة الحد من بيِّنة أو إقرار، لكن كان القاضي ذا علمٍ بيِّن في القضية، بان رأى السارق وهو يسرق، أو رأى الزنا عيانًا، فإن القاضي في هذه الحال لا يجوز له أن يحكم بعلمه المجرد عن البينة أو الشهود.
¬__________
(¬1) أي كافرًا يستحق اللعنة. انظر: عون المعبود (12/ 281).
(¬2) أخرجه البزار في مسنده (15/ 166)، والحاكم في المستدرك (1/ 92)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 329).
والحديث جاء من طريقين أحدهما مرسل والآخر موصول، فالمرسل من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، والمرسل من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فمن أهل الحديث من رجَّح طريق المُرسل، ولذا ضعَّف الحديث بعلة الإرسال، منهم البخاري في "التاريخ الأوسط" (1/ 152).
ومنهم من صحح الحديث فاعتبر للحديث طريقان، أحدهما مرسل والآخر موصول، وهي زيادة مقبولة، وممن صحح الحديث الحاكم في "المستدرك" (1/ 92) حيث قال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وكذا صححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 66)، والألبانى في "السلسلة الصحيحة" (5/ 251).
(¬3) فتح الباري (1/ 68).