كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} (¬1).
• وجه الدلالة: الآية تدل على أن القاضي لا يحكم بعلمه؛ لأنه لو جاز له الحكم بعلمه لكان شاهدًا واحدًا، وهو في حكم القذف؛ إذ الآية نصت على منع القضاة بإقامة حد الزنا إلا أن يتوافر لديهم أربعة شهود (¬2).
الدليل الثاني: عن أم سلمة رضي اللَّه عنها (¬3) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إنما أنا بشر، وانكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فاقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار) متفق عليه (¬4).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر أن قضاءه يكون بموجب ما سمعه، ولم يذكر أنه بموجب ما يعلمه (¬5).
الدليل الثالث: عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (رأى عيسى بن مريم رجلًا يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا واللَّه الذي لا اله إلا هو، فقال
¬__________
(¬1) سورة النور، آية: (4).
(¬2) انظر: المغني (9/ 72).
(¬3) هي أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم القرشية المخزومية، أم المؤمنين، اسمها هند، كانت تحت ابن عمها أبي سلمة بن عبد الأسد بن المغيرة، فمات عنها، فتزوجها النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم في جمادى الآخرة سنة أربع وقيل سنة ثلاث، وكانت ممن أسلم قديمًا هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة، فولدت له سلمة، ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة فولدت له عمر ودرة وزينب، قيل: بأنها أول امرأة خرجت مهاجرةً إلى الحبشة وأول ظعينة دخلت المدينة ماتت سنة (62) هـ، وهي آخر أمهات المؤمنين موتًا. انظر: الطبقات الكبرى 8/ 60، سير أعلام النبلاء 2/ 142، الإصابة في تميز الصحابة 4/ 458.
(¬4) أخرجه البخاري رقم (2534)، ومسلم رقم (1713).
(¬5) انظر: الاستذكار (7/ 92)، فتح الباري (13/ 139).

الصفحة 69