كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

خلِّكم خلُّ خمركم) (¬1).
الدليل الثاني: أن العلة من تحريم الخمر هو الإسكار، وإذا صار الخمر خلًا زالت هذه العلة من غير نجاسة خلفتها، فيرجع الحكم إلى الأصل وهو الطهارة، كالماء الذي يتنجس بالتغيير إذا زال تغييره بنفسه (¬2).
الدليل الثالث: أن العصير غالبًا لا يمكن تحصيل الخل منه إلى بعد التخمر، فالقول بعدم طهارة الخمر إذا صار خلًا بنفسه يفضي إلى تعذِّر اتخاذ الخل (¬3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الخمرة لا تطهر مطلقًا، حتى لو تخللت بنفسها. وهو قولٌ للحنابلة (¬4)، وبه قال سحنون من المالكية (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (4/ 434)، من طريق مغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر -رضي اللَّه عنه-. والحديث ضعفه جمع من أهل العلم منهم البيهقي حيث قال بعد تخريجه: "تفرد به مغيرة وليس بالقوي". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/ 485): "أما ما يروى: (خير خلكم خل خمركم) فهذا الكلام لم يقله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن نقله عنه فقد أخطأ، ولكن هو كلام صحيح".
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/ 292): "حديث واه من رواية مغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر يرفعه. . . ومغيرة هذا يقال له أبو هشام المكفوت صاحب مناكير عندهم، ويقال: إنه حدث عن عطاء بن أبي رباح وأبي الزبير بجملة من المناكير".
وذكر ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1/ 111) أنه لا أصل له، وذكره الصغاني في "الموضوعات" (23)، وقال الألباني في "ضعيف الجامع الصغير": "ضعيف جدًا". فالحديث ضعيف السند، صحيح المعنى، واللَّه تعالى أعلم.
(¬2) انظر: العناية شرح الهداية (10/ 107)، الشرح الكبير (1/ 294).
(¬3) انظر: الإقناع في حل ألفاظ بني شجاع للشربيني (1/ 94)، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (73)
(¬4) انظر: الفروع (1/ 243)، الإنصاف (1/ 319).
(¬5) نسبه إليه النووي في المجموع (2/ 596)، وفي شرح مسلم (11/ 3)، وإن كان بعض المالكية يرون أن قول سحنون إنما هو الخمر إذا خُللت بفعل آدمي، أما إن تخللت بنفسها فهي طاهرة، كما نبه على ذلك القرافي في الذخيرة (4/ 118).

الصفحة 695