كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سقاء يوكَى أعلاه (¬1) وله عَزْلاء (¬2) ننبذه غدوة فيشربه عشاء، وننبذه عشاء فيشربه غدوة" (¬3).
• وجه الدلالة: الحديث صريح في أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يشرب النبيذ قبل أن يصير مُسكرًا، والفقاع هو كذلك، فإنه كالنبيذ (¬4).
الدليل الثاني: قول أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- حين سئل عن الفقاع: "إذا لم يُسكر فلا بأس" (¬5).
الدليل الثالث: أن الفقاع لا يُسكِر، وإذا طالت مدته فإنه لا يصير خمرًا، وإنما يفسد نهائيًا، لا يصلح خمرًا ولا غيره (¬6).
الدليل الرابع: أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الدليل على النهي، على مقتضى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (¬7)، والفقاع ليس فيه دليل على النهي عنه؛ لأنه ليس من المسكرات، فيبقى على عموم الإباحة (¬8).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى المنع من الفقاع.
وهو قول للمالكية (¬9)، وقول للحنابلة (¬10).
¬__________
(¬1) الوِكاء: هو رباط القربة، والفِعل منه: أوْكى يُوْكي إيْكاءَ، أى ربط وفم القربة. انظر: المحيط في اللغة (6/ 355)، تاج العروس (40/ 241).
(¬2) قال النووي في "شرح مسلم" (13/ 176): "وله عزلاء: هي بفتح العين المهملة وإسكان الزاي وبالمد، وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة والقربة".
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2005).
(¬4) انظر: الحاوي الكبير (17/ 185).
(¬5) أخرجه البخاري في صحيحه.
(¬6) انظر: كشاف القناع (6/ 120)، المبدع (9/ 107).
(¬7) سورة البقرة، آية (29).
(¬8) انظر: المغني (9/ 144).
(¬9) انظر: التاج والإكليل (4/ 350).
(¬10) انظر: المبدع (9/ 107)، الإنصاف (10/ 238).