كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
الذنب كمن لا ذنب له" (¬1).
• وجه الدلالة: فيه دلالة على أن التائب من الذنب مساوٍ لمن لا ذنب له، ويدخل في ذلك من تاب من شرب الخمر.
الدليل الرابع: ما جاء في قصة ماعز -رضي اللَّه عنه- حين أقيم عليه الحد، ووجد مس الحجارة، ففرَّ يشتد حتى مر برجل معه لحي جمل، فضربه به، وضربه الناس، حتى مات، فذكروا ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه فر حين وجد مس الحجارة، ومس الموت، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب اللَّه عليه) (¬2).
الدليل الخامس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتي برجل أكره امرأة على الزنا، ثم جاء تائبًا، فلم يرجمه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال له: (اذهب فقد غفر اللَّه لك) (¬3).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشد الصحابة -رضي اللَّه عنهم- إلى أن الأفضل حين هرب ماعز -رضي اللَّه عنه- أن يتركوه لتوبته، ولا يقيموا عليه الحد، وكذا لم يُقم الحد على من أكره المرأة على الزنا، وهو دليل على قبول التوبة منه، وهذا إن كان في الزنا ففي شرب الخمر من باب أولى؛ لأنه أخف من الزنا (¬4).
الدليل السادس: عموم الأدلة الدالة على إباحة ستر الإنسان على نفسه ما ارتكبه مما يوجب الحد، ويدخل في ذلك حد شرب الخمر (¬5).Rالمسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن ماجه رقم (4250).
(¬2) أخرجه أحمد (24/ 322)، والترمذي رقم (1428)، وأبو داود رقم (4419)، وابن ماجه رقم (2554).
(¬3) أخرجه الترمذي رقم (1454)، وأبو داود رقم (4379).
(¬4) انظر: إعلام الموقعين (2/ 60).
(¬5) وقد سبق بيان المسألة بأدلتها في المسألة رقم 19 بعنوان: "يباح للإنسان أن يستر على نفسه الحد".