كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
وهذا في القذف فغيره من الحدود من باب أولى (¬1).
الدليل الثاني: عموم الأدلة الدالة على مغفرة اللَّه تعالى لجميع الذنوب، ومنها:
أ- {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} (¬2).
ب- قول اللَّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)} (¬3).
• وجه الدلالة: دلت الآية على أن التوبة سبب للقبول والعفو، ومن قبلت توبته وعفي عن سيئته، فهو كمن لا ذنب له، فيكون بذلك مقبول الشهادة (¬4).
الدليل الثالث: عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) (¬5).
• وجه الدلالة: عموم الحديث دل على أن من تاب من ذنب، فإنه يرجع حكمه كأنه لا ذنب له، وهو يدل على أن شهادته ترجع مقبولة كما كانت قبل الذنب (¬6).
الدليل الرابع: أن ردَّ شهادة من وجب عليه الحد كان موجبه الفسق، وليس الحد، وقد ارتفع الفسق بالتوبة، فرجع قبول شهادته (¬7).Rالمسألة فيما يظهر محل إجماع بين أهل العلم؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
¬__________
(¬1) انظر: أحكام القرآن للجصاص (3/ 402)، تفسير ابن كثير (6/ 14)، فتح الباري (5/ 255).
(¬2) سورة الزمر، آية (53).
(¬3) سورة الشورى، الآية (25).
(¬4) انظر: الحاوي للماوردي (17/ 48)
(¬5) أخرجه ابن ماجه رقم (4250).
(¬6) انظر: إعلام الموقعين (1/ 97).
(¬7) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 345)، إعلام الموقعين (1/ 97).