كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)
وحكاية الكاساني للإجماع لعلَّه أراد به الإجماع المذهبي عند الحنفية، واللَّه تعالى أعلم.
[247/ 4] من أكره على شرب الخمر فلا حد عليه، ولا إثم.
• المراد بالمسألة: من أُكرِه على شرب الخمر بأن فُتح فمُه إجبارًا عنه وصُب في فيه خمرًا، فإنه غير مؤاخذ في ذلك، ولا حد عليه.
ويتبيَّن مما سبق أنه إن كان شربه للخمر باختياره لكنه لحاجة كأن شرِبه لجوع، أو عطش، أو تداوٍ، أو دفع غصة في حلقه، فكل ذلك غير مواد.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "من أكره على شرب الخمر، ففتح فمه كرهًا بأكاليب، وصب فيه الخمر حتى سكر، فإن هذا لا خلاف في أنه غير آثم" (¬1). وقال ابن العربي (543 هـ): "فإن اضطر إلى خمر فإن كان بإكراه شرب بلا خلاف" (¬2). وبمثله قال القرطبي (671 هـ) (¬3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع الحنفية (¬4)، والشافعية (¬5)، والحنابلة (¬6).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: قول اللَّه تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (¬7).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى عذر المُكره في الكفر، فمن باب أولى أن يكون معذورًا فيما يتعلق بشرب الخمر الذي هو أخف من الكفر (¬8).
¬__________
(¬1) المحلى (12/ 263).
(¬2) أحكام القرآن (1/ 83).
(¬3) تفسير القرطبي (2/ 228).
(¬4) انظر: المبسوط (24/ 32)، بدائع الصنائع (7/ 178)، فتح القدير (9/ 239).
(¬5) انظر: الأم (3/ 264)، أسنى المطالب (4/ 127)، مغني المحتاج (5/ 444).
(¬6) انظر: المغني (9/ 137)، الفروع (6/ 99)، مطالب أولي النهى (6/ 212).
(¬7) سورة النحل، الآية (106).
(¬8) انظر: طرح التثريب (2/ 118).