كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

امرأة أبي سفيان (¬1) على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) متفق عليه (¬2).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى للمرأة بعلمه بحال أبي سفيان، ولم يطلب من المرأة من يشهد لها بذلك (¬3).
الدليل الرابع: أنه إذا جاز للقاضي أن يحكم بما شهد به الشهود، وهو من قولهم على ظن، فمن باب أولى جواز أن يحكم بما سمعه، أو رآه لأنه في حقه يقين وقطعي (¬4).Rالمسألة فيما يظهر ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيها، ولذا حين حكى ابن عبد البر المسألة قال: "والسلف من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- والتابعين مختلفون في قضاء القاضي بعلمه" (¬5).
¬__________
= انظر: الاستيعاب 4/ 1922، معرفة الصحابة لأبي نعيم 6/ 3460، الإصابة في تمييز الصحابة 8/ 155.
(¬1) هو أبو سفيان، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، من سادات قريش في الجاهلية، قاد قريشًا وكنانة يوم أحد ويوم الخندق لقتال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأسلم يوم فتح مكة، وأبلى بعد إسلامه البلاء الحسن، وشهد حنينًا والطائف، كان من الشجعان ففقئت عينه يوم الطائف ثم فقئت الأخرى يوم اليرموك، فعمي، مات سنة (31 هـ). انظر: الاستيعاب 2/ 417، معجم الصحابة للبغوي 3/ 372، الإصابة 3/ 412.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: البيوع، باب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة، رقم (2097)، ومسلم، كتاب: الأقضية، باب: قضية هند، رقم (1714).
(¬3) انظر: طرح التثريب (7/ 175)، الطرق الحكمية (163).
(¬4) انظر: بدائع الصنائع (7/ 7)، المغني (9/ 72).
(¬5) الاستذكار (7/ 94).

الصفحة 73