كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان، أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أن رآه يتقيأ، فقال عثمان: "إنه لم يتقيأ حتى شربها"، فقال يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: "ولِّ حارَّها من تولى قارَّها"، -فكأنه وجد عليه-، فقال يا عبد اللَّه بن جعفر، قم فاجلده، فجلده وعليٌّ يعُد، حتى بلغ أربعين، فقال: أمسِك، ثم قال: "جلد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحبُّ إليّ" (¬1).
الدليل الثاني: عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فلما كان عمر -رضي اللَّه عنه- استشار الناس، فقال عبد الرحمن -رضي اللَّه عنه-: أخف الحدود ثمانين، فأمر به عمر -رضي اللَّه عنه-" (¬2).
وفي رواية: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين" (¬3).
• المخالفون للإجماع: ذهب بعض الفقهاء إلى أن شارب الخمر يصح جلده دون الثمانين، على خلاف بينهم في موجب الجلد على قولين:
القول الأول: أن جلد شارب الخمر ليس من باب الحد، وإنما هو من باب التعازير (¬4).
القول الثاني: أن جلد شارب الخمر من باب الحد، لكن جلده ليس له
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم رقم (1707).
(¬2) أخرجه مسلم رقم (1706).
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1706).
(¬4) وهنا يُنبَّه إلى أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أن جلد شارب الخمر من باب التعزير لكنهم، يرون وجوب جلد شارب الخمر بأربعين جلدة فما فوق، وهو قول الشيخ محمد بن عثيمين كما في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (14/ 295).

الصفحة 734