كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 9)

وقال البهوتي (1051 هـ): "وإذا شربه -أي المسكر- فعليه الحد ثمانون جلدة؛ لإجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم-" (¬1). وقال ابن قاسم (1392 هـ): "وإذا شربه -أي المسكر- فعليه الحد ثمانون جلدة مع الحرية؛ لإجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم-" (¬2).
• مستند الإجماع: الدليل الأول: عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فلما كان عمر -رضي اللَّه عنه- استشار الناس، فقال عبد الرحمن -رضي اللَّه عنه-: أخف الحدود ثمانين، فأمر به عمر -رضي اللَّه عنه-" (¬3).
الدليل الثاني: أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-: "نرى أن تجلده ثمانين؛ فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى" (¬4).
¬__________
(¬1) كشاف القناع (6/ 117)، باختصار يسير.
(¬2) حاشية الروض المربع (7/ 341)، باختصار يسير.
(¬3) أخرجه مسلم رقم (1706).
(¬4) أخرجه مالك في "الموطأ" (5/ 1234)، وعبد الرزاق في "المصنف" (7/ 378)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (6/ 458).
وأخرجه بنحوه النسائي فى "السنن الكبرى"، كتاب: الحدود في الخمر، باب: حد الخمر، رقم (5288)، والدارقطني في "السنن" (3/ 157)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 417)، والبيهقي في "السنن الصغرى" (3/ 342)، وفي "السنن الكبرى" (8/ 320).
والحديث ضعَّفه ابن حزم فقال: "روي عن علي، وعبد الرحمن بحضرة الصحابة، إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وإذا افترى جُلد ثمانين.
قال أبو محمد: وهذا خبر مكذوب قد نزه اللَّه تعالى عليًا، وعبد الرحمن عنه؛ لأنه لا يصح إسناده، ثم عظيم ما فيه من المناقضة، لأن فيه إيجاب الحد على من هذى، والهاذي لا حد عليه".
وأشار الطحاوي إلى ضعف حديث علي -رضي اللَّه عنه-، فى "شرح معاني الآثار" (3/ 154).
لكن ذهب أهل التحقيق إلى صحة الحديث عن عبد الرحمن بن عوف وهو مخرَّج في صحيح مسلم، وكذا ذهب المحقَّقون إلى صحة حديث علي -رضي اللَّه عنه-، قال الحاكم في المستدرك (4/ 417): "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في تعليقه: "صحيح"، وصححه البيهقي في =

الصفحة 738